الجمعة، 20 فبراير 2009

بيـن الأرض والسماء.. جوعى وفضوليون

بيـن الأرض والسماء.. جوعى وفضوليون
فتيحة الشرع
اليونيسكو يخصص عام للجوعى يليه عام للفضاء
حلت سنة ورحلت أخرى، رحلت سنة الاحتفال بالبطاطس وحلت سنة ستكون للمظاهرات المتعلقة بالفلك والكون وأسراره، فبالفعل قرر الإتحاد الدولي لعلوم الفلك I AU بالتعاون مع منظمة اليونسكوUNESCO إعلان 2009 السنة الدولية لعلم الفلك تحت شعار استكشاف الكون، وذلك بمناسبة تزامنها مع مرور 400 سنة على أول نظرة على الكون الفسيح والمشاهدات المثيرة التي كشفت تضاريس القمر وأقمار المشتري.
ومنذ ذلك الوقت التقطت ملايين المشاهدات والصور، وصرفت مليارات الدولارات على برامج الفضاء "أكثر من 100 مليار دولار" حسب ما أورده البروفسور الكندي روبير لامونتاني، خلال حوار إذاعي بثه البرنامج العلمي "إنتخب العلوم" مؤخرا على أمواج إحدى القنوات الكندية.
وبين العين المجردة التي تنظر إلى واقع ملايين الجوعى في العالم والتليسكوب الذي يرصد كل حركة في الفضاء حتى ولو كانت شهابا ثاقبا، يطرح العديد سؤالا قد: "هل الإنفاق المتغالي على برامج الفضاء يعد في الجانب الأكبر منه ترفا سياسيًّا؟".
ديمقراطية الفضاء
ينفي الدكتور روبير لامونتاني Robert Lamontagne - الأستاذ والباحث بجامعة مونتريال بكندا ومدير تنفيذي لمرصد Mont-Mégantic أن يكون الأمر كذلك، ويؤكد أن تشجيع هذا النوع من البرامج في العالم يعزز مفهوم ديمقراطية الفضاء ليصبح ساحة تتسع الجميع، ويستدل في كلامه بتجارب كل من الهند، والبرازيل، والصين، واليابان التي اقتحمت هذا المجال بعد أن كان حكرا على القوى العظمى سابقا مثل الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي ثم المجموعة الأوروبية.
وتتمثل نقطة الارتكاز في وجهة نظر باحث الفلك الكندي في القفزة النوعية التي شهدها مجال الطيران بعد أن توسعت صناعته بين الدول؛ وهو ما أدى إلى انخفاض الأسعار نسبيا وانتشار خدماته "الأمر ذاته سيحدث مع تكنولوجيات الفضاء ولن تظل هناك أرقام فلكية تثير حفيظة البعض".
ولا يتوقف الدكتور روبير عند هذا الحد من الاستدلال بل يضيف "ناهيك عن مناصب الشغل التي ستتوفر بالانتعاش الأفقي والعمودي لقطاعات ذات صلة بموضوع الفلك بدءا من أبسط الحِرَف كصناعة الزجاج وصولا إلى مخابر التصميم".
ونقلا عن ذات المتحدث، فإن نصف مهندسي العالم من الهنود، والهند تعد الدولة السادسة عالميا من حيث صناعة الأقمار وتسويقها، وهي على مسافة قاب قوسين أو أدنى من الاكتفاء الذاتي فيما يتعلق بتكنولوجيات تصنيع وإطلاق الأقمار الصناعية، وليس خفيا على العالم ما وصل إليه بلد المفارقات هذا، في مجال المعلوماتية والحاسوبية.
ما خفي أعظم
أوردت منظمة التغذية العالمية ضمن إحدى نشراتها الدورية رقْمًا لا يبعث على التفاؤل، جاء في التقرير أن عدد الجائعين في العالم ارتفع إلى 963 مليون خلال 2008 بزيادة 43 مليون جائع عن العام السابق.
وليس هذا وحده الذي يهدد الوجود البشري بل أمور أخرى، فقد ذكر موقع "محيط" نتائج الدراسة التي توصل إليها فريق من العلماء بجامعة ستانفورد أن هناك علاقة مباشرة بين زيادة انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون في الجو وزيادة معدلات الوفاة بين البشر، وتذكر الدراسة أنه من المنتظر أن يلقي نحو 20 ألف مواطن حتفهم سنويا في العالم بسبب زيادة درجة حرارة الجو جراء التلوث.
وما خفي عن أسماع العموم كان أعظم؛ لأن حديث المجالس موصول برهانات إستراتيجية تطفو على سطح التداول مع التقادم.
والآن يثور تساؤل حتمي، وهو هل من الأولى أن تنفق الحكومات جزءا من أموالها للتخفيف من سيناريوهات الخطر التي سلف ذكرها، خاصة في دول العالم النامي محدودة الدخل مثل الهند والبرازيل، أم لها الحق في أن تمضي قدما ضمن برامجها الفضائية التي هي في الأصل جزء من الحل لمعظم المشاكل؟.
في ذات السياق يستعرض الصحفي الكندي الشهير كلود لافلور Claude Lafleur المتخصص في مجال البرامج الفضائية تجربة الهند الرائدة في مجال الفضاء وكيف أوصلتها برامجها الطموحة إلى نتائج مذهلة، إسقاطات على الواقع اليومي لأبسط المواطنين "هناك مثلا التعليم عن بعد الذي يتوجه بالخصوص للمزارعين ولساكني المناطق النائية، ونشرات الرصد الجوي، ومسح الموارد الطبيعية والمراقبة البيئية وحتى التحذير من احتمال وقوع كوارث والكشف عن الأماكن المتضررة في زمن كثرت فيه النكبات".
الكنديون هواة فضاء بامتياز
بالرغم من مضي أيام قليلة على بدء السنة الدولية لعلم الفلك، فإن المتجول عبر شوارع كندا يلاحظ كثرة الصور المعبرة عن روعة الكون ويحتار في الاختيار بين البرامج والمحاضرات التي تدعو الجمهور للتحرر من جاذبية الأرض والتحليق خلف المجرات المتناثرة التي لا يُعرف لها حد، وهي ذات الدولة التي تم بلغ عدد أعضاء النوادي الفيدرالية الكندية لهواة الفلك 200.000 عضو، إضافة إلى كوكبة من العلماء والباحثين الذين يعدون بالآلاف وهم منتشرون عبر الجامعات والمعاهد ومراكز البحث.
وفي انتظار الإعلان عن ميزانيات كل ما يتعلق بالفضاء في ظل الأزمة المالية العالمية، تشير المصادر إلى أن أوربا صرفت 5 مليارات دولار خلال 2008، تليها الصين 2 مليار ثم الهند 1 مليار فالبرازيل 125 مليونا.
هذا الاختلاف في الأرقام يقابله تباين شديد في القدرة الشرائية من بلد لآخر، وإن كانت الوجهة واحدة هي النفاذ من أقطار السموات والأرض، فإن النوايا الخفية تتباين أيضا.
وتبقى مهمة ترتيب الأولويات، كما يؤكد الباحث الكندي روبير، "كأن نبني مستشفى أو نبني محطة للأبحاث الفضائية أو منصة إطلاق، هي ما يحتاج إلى تليسكوب عالي الدقة باتجاه الواقع".هل نحن لوحدنا في هذا الكون الرحب؟، هل هناك أخطار من خارج الأرض تهددنا؟، هل اكتشاف المزيد من أسرار الفضاء ضروري؟، وعند أي حد يجب أن نوقف جماح الفضول؟... أسئلة يتهافت الغرب قبل العرب على إيجاد أجوبة لها.
لكن الأكيد أن الغرب علم أشياء وما خفي عنه أكثر، لكن المؤكد أكثر هو أن معرفة وسد احتياجات أهل الأرض أولى بالإجابة والاستجابة.
نشرت بموقع اسلام اون لاين على الرابط التالي :-http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&cid=1233567814227&pagename=Zone-Arabic-HealthScience%2FHSALayout

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق